في الليلة نفسها التي لا تُحلق العقبان
فيها إلا على رؤوس
ضحاياها،
رحلت قدمٌ قرويّة المزاج
إلى حيثُ لا تنتهي الرحلة
بين أصابعها كانت الآفاقُ تتحرّك
مثل حشد نجوم تتهيأ للقفز
وفي ظلها الشبحي، فرش الحلمُ
ساحة تمرح فيها
الثعابين.
لم تكن وليدة تخطيطٍ ولا صدفةٍ
كاتن هكذا وحيدة
تطلق صرخة الضياع في
مهب القارات
مثل منارةٍ خلعت ضوءها للبحر.
وفي الطرف الأقصى لديجور
فحيحها، كان القلبُ يسكنُ
غابته السرية،
باحثا عن مرايا الأبد في حطام الذكرى
وفي المدن التي لا تتسع إلا لحديثٍ
عابرٍ، كانت الأرض مدلهمة
بالأقدام.
أقدام تتبع خيط المستقبل الواقعٍ
في مأزق الولادة.
أقدام آسيوية، إفريقية
أمازونية،
تحلم بالعودة وأخرى بالرحيل نحو
جُزر النّهب
أقدام تحشر أسلافها في زرقة
ليل يُشبه ذاكرة الغريق.
أقدام أو قدمي وحدي (ليكُن)
التي ولدت سرّها في
عرين النمر ليستشري في المدن
مثل شحّاذ مُصاب
بالسرطان.
القدم التي لا تستسيغ السعادة
إلا خلسة
وعلى حافة هاويةٍ.
وللقمر أيضاً قدمه النرجسية التي
ترفس الشمس
بغية احتلال الموكب،
يتجولُ القمر وحيدا، نراه بين حشدِ
الأقدام والرؤوس
مضيئا طرف الحانة
كما يضيء السجين في زنزانته
ولأُمِّي كانت قدمها التي تنوءُ
بثقل المذابح
قدم الكمثرى
وأنين المسافات.
لم أكن اعرف سر الأقدام،
حتى تربع النسر في عرشه الفظيع،
خالعا وتد النميمة في صرخة
الرعد.
ولأنيّ كنت المدعو لهذه الوليمة من
الأقدام والأدمغة المستفزّة،
غامرت بسمعتي الأخلاقية
لأكون سيّد المأدبة أو خادمها،
بحيث لا تنقضي الأرابة للوقوع
دوماً بين أسنان ذئبٍ.
أهكذا يبدأ المجوس رحيلهم
تاركين في كل طريقٍ أثرا لجريمةٍ
عذراء
وبقايا عشاء
يمتدّ حتى الأبدية.