حين تمددت لأول مرة على شاطئك
الذي يشبه قلبا، نبضاته منارات
ترعى قطعانَها في جبالك الممتدة
عبر البحر.
أطلقُ بين مقلتيك منجنيق طفولتي
وأصطاد نورساً تائها في زعيق
السُفن.
نجومك أميرات الفراغ
وفي ليل عُرْيِكِ الغريب تضيئين
الشموع لضحاياك كي تنيري
طريقهم للهاوية.
أبعثر طيورك البحرية لأظل
وحيداً. أصغي إلى
طفولة نبضك المنبثق من
ضفاف مجهولة،
تمزق عواصفها أشرعة
المراكب
كم من القراصنة سفحوا أمجادهم
على شواطئك
المكتظة بنزيف الغربان
كم من التجار والغزاة
عبروك في الحلم
كم من الأطفال منحوك جنونهم
مثل ليلة بهيجةٍ
لعيد ميلاد غامض؟
القرويون أتوك من قراهم،
حاملين معهم صيفاً من الذكريات.
مطرح الأعياد القزحيّة البسيطة
والأمنيات المخمرة في الجرار،
الدنيا ذهبت بنا بعيداً
وأنت ما زلت تتسلقين أسوارك القديمة.
وما بين الطاحونة و((المثعابْ)).
يتقيأ الحطابون صباحات كاملة،
صباحات يطويها النسيانُ سريعاً.
هذه القلاع بقيت هكذا تحاورُ
أشباحاً في مخيّلة طفل، حيث
بناتُ آوى يتجولْن جريحاتٍ
بين ظلالها كموت مُحتمل
وحيث كنا نرى عبر مسافة قصيرةٍ
ثعباناً يخْتن جبلا في مغارة
لم أنسك بعد كل رحلاتي اللعينة
لم أنس صياديك وبرصاك النائمين
بين الأشجار.
حين تمددت لأول مرةٍ
كان البحر يشبه أيقونةً
في كف عفريت
لأنه كان بحرا حقيقياً يسرح زبده
في هضاب نساء يحلُمن بالرحيل
حين تمددتُ لأول مرةٍ
لم أكن اعرف شيئاً عدا
ارتجافة عصفورٍ
في خصرك
الصغير