في العديد من قصائد المجموعة تتكرر مشاهد الاحباط هذه من زوايا متعددة وثرية بالرؤية الفنية القادرة على تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة باستيلاد البهجة- بهجة الكتابة والقراءة- من كل ذلك الاحباط. عند استيقاظ الشاعر من نومه متوجها ((من الغرفة الى المقهى)) يكتشف ان العالم بأكمله قد استيقظ في رأسه ((بكائناته وزعيقه الذي يهرس العظام))، وفي ((محاولات فاشلة)) يؤدي به اليأس في المدينة/ الغابة الى الانتحار، ولكن من زاوية مدهشة:
((وحين أيقن أن لا فائدة.. حمل بندقيته
وبرصاصة واحدة سقط الفضاء
صريعا في الغابة)).
من تأمل هذه الاحباطات المتوالية في العيش المدني المكثف تتوالد شعرية معينة دون شك، ولكن تلك الشعرية تبدو وكأنها هي الملاذ والعزاء الوحيد في غياب ما لجأ إليه شعراء آخرون مروا بنا هنا في مرجعيات مغايرة، فلا موروث من ثقافة او نمط عيش يفتح ذراعيه في المدن الشاحبة الموحشة.

د. سعد البازعي
من دراسة حول قصيدة النثر