4
الشجر الذابل أمام بيتي، أرقبه كل صباح وأنا ذاهب الى العمل وكل مساء وأنا قادم من البحر، وقد أرخى سدول أيامه بيأس أمام سطوة الجبال
والمآذن والعمائر المأهولة بالجفاف وبمخلوقات زنخة تفوح من اردانها جثة العالم المتفسخة منذ قرون.
أرقب الشجر، شجر الميموزا، المسترسل في هذيان الغياب عن محيطه وطيوره وعن الجذور التي أصبحت تغذيها النفايات السامة في أعماق الأرض الملحية، التي تصارعت على أديمها أرومات البشر والضباع والأشجار السامقة، حتى أعالي جبال ((الأنديز))، ولم تهدأ روحها القلقة العصيّة عبر الأزمنة حتى أمام أعنف الطلقات غدرا وخيانة.
ظلت تسري في روح الفصول والأبناء والأحفاد، حتى جف نسغُها واضمحل تلقائيا بهدوء عطر مراوغ ودعة، حتى ابتلعتها الفصول التي استحالت الى فصل طويل جارف كشاحنة خرافية تمخر عباب الليل البشري للقسوة.