شبه
لم نعدْ نشبه هذا البحر
ولا هذه الأرض
يبدو أن قروناً مرّت بزواحفها
ونحن نيام.
طائر
طائر كبير كبيرٌ يقفُ على السطح
طائرٌ يشبه ممحاة سحابٍ
وإذ حدقتُ فيه قليلاً
نأى بجناحيه العريضين
خلف أفقٍ من ضباب.
زيارة
لا يطرقون الباب
ولا يستأذنون
يدخلون، هكذا، كلّ يوم
كانت ريحٌ خفيّة تسبقهم
كأنها نفثةُ مسحورٍ فوق بحيرة
يشربون ما تبقى في الثلاجة
ويغادرون.
غرفة
في غرفةٍ يسرحُ فيها البعوضُ
أنام مع أشباحي
متذكراً حانات طنجة
وشاعر الإسكندرية العجوز
في مقهى الإليت.
كم كانت أيامك خضراء
حين كنت تدحرُ الليل بِفَرَجٍ
أو تسجنُ المساء في كأس.
سفر
في هذه البقاع القصيّة
هذه البقاع المهجورة حتى من عواء الذئب
أسرجُ ضوء الشمعة
وأسافر.
حنين الأعالي
خلعوا قلوبهم وأوتادهم
قلبوا الخيام على الأحصنة
تبادلوا حديثاً غامضاً
ورحلوا.
تركوا خلفهم مواقد وذكرياتٍ
سلكوا طريقاً غير طريقهم
رأوا شعاباً وأفاعي تسيلُ من اللهب
رأوا سماءً تنهارُ على ساكنيها
ورعوداً تمزقُ جلد الأبدية.
جرفوا الأودية والأشجار بأقدام مُتعبة
وحنينهم دوما إلى الأعالي
التي لن يصلوا إليها أبداً.
غياب
عيونُ زائغةٌ بالغياب
غريبةٌ أينما حلت
كأيامٍ خارج مدارها الفلكيّ
كجُرح ضاق ذرعاً بالهواء
تدورُ في محجرها
تحدّقُ بغضب، تضيء، تنطفئ، تتوسلُ
عرينُ النمور يأخذُ مداه في الغابة.
في وصف رحلة
قمرٌ يولدُ من سحابةْ
ميلادُه العسيرُ لا يدهشُنا
لكنه يذكرنا بأقمار ماضية،
سفنٌ تعومُ في أفق خالٍ
وأخرى مأهولة بالأساطير
الأساطير النجميّة التي كنا نقطفُها باليد
ذروةُ جبل تمتطي سماءً خفيضة،
تكادُ تلمسُ الرأس.
الليلُ من خلفنا
سهامُه، شهُبٌ وحكايات.
وعيون صيادين تمخرُ المياه
وأيديهم أيضاً…
أيديهم التي تخيطُ الفجر القادم
كما تخيطُ شباك الصيد.