أيتها الأقدامُ المتْعبة
وأنت تصغين إلى زئيرِ
المسافة
قلبكِ ينفجرُ
على مرأى كل مُنعطفٍ
أو طائرٍ عابرْ
قلبكِ النازفُ منذ القِدم
قلبُ الفلكيّ
الذي تحمله الأعاصيرُ
من نجمةٍ إلى أخرى
تائهاً بين مجرّاتٍ ورمال
تحملين الجسدَ المثقلَ
بين المدُنِ والثكنات
هكذا…
من غير دليلٍ ولا علامة.
***
المدينة، ربما هي المدينة..
الأشياء تتحرك ضمن وضع غير اعتيادي، وضع مليء بفوضى الولادات والصخب كأنما تستعد لقفزة في المجهول. هدايا وقهقهات مرحة يبللها مطر خفيف. الجموع تركض نحو أماكن التجمع الاحتفالية.
كلب فقد صاحبه وأخذ يعوي. لصوص القطارات ينشطون بدورهم.
البهجة ! أين هي البهجة ؟ سأل الشاعر الذي أخذ يركض معهم ولم يجد له مكانا فرجع إلى بيته.. في البيت سألته المرأة عما يريد أن يفعل هذه الليلة.
قال : لا شيء
– لكن لابد من الاحتفال بنهاية العام قال لها إنني أحس بالحمّى وأريد أن أنام، أو أصعد إلى قمة جبل جليدي ويجرفني الطوفان نحو أماكن قصيّة من نفسي. قالت : إنني لا أفهم.
قال لها : انظري إلى راحة يدي. فرأت عروقا تبث أخبارا غامضة عن سكان الجُزر التي تسكن جمجمته. وحين فتحت جمجمته لم تر جزرا. رأتْ تابوتا ينام فيه رجل مع قصائده التي لم تكتب.
فتح عينيه قال لها : حدّقي فيهما؟ فرأت سفنا تشتعل فيها النيران وأخرى تغرق بركابها، بينما آخرون يتفرّجون على مسرحية كوميديّة يقوم بتمثيلها بهلوانات بشعون..
ورأت في العين الأخرى روحه تجلس وحيدةً على الرصيف.
مشى الرجل الغريب على أرصفة تتناسل من غير سقف ولا قرار،يتقدمه غبار الأجيال المنقرضة، وتساءل إن كانوا يحتفلون بمثل هذه الليلة وقبل أن يعثر على الإجابة انفتحت له أبواب مدينة أخرى.كانت رائحة البحر تتدفق من نوافذها. ورأى مواكب نسوة قادمات من بغداد ودمشق. استوقف احداهن ليسألها إن كان صديقه مازال حيا. قالت إنها لا تعرف شيئا، وأن الرحلة إلى هذه المدينة استغرقت مليون سنة ضوئية على الأقل.
فكر بالرجوع سريعا طالما أن المسافة بهذا المقدار الزمني الرهيب. لكنه وجد أبواب المدينة مغلقة. خلع حذاءه وأخذ يخبط الأبواب، مرتجفا، يقفز من باب إلى نافذة ومن باب إلى باب. فمه مليء بصراخ متجمّد. ورجلاه اجتاحهما شلل مفاجئ وباندفاعة مذبوح واصل رفس الأبواب وخبطها حتى انفصلت يده عن جسده وتسلّلت من ثقب الباب..
ذهب الشاعر إلى مقهى وبينما هو جالس في زاوية نصف مضاءة، في الزاوية الأخرى أبصر «انتونين آرتو» يحفر على الطاولة التي أمامه،كأنما يثأر من جسد عالم يزدريه. فقد كان هذا الشاعر المفرط الحساسية، مصابا بمرض في المخ، وحين يزأر وحش الألم يداويه بالكتابة أو الحفر العصبي على طاولة أو حائط أو باب..
وأبصر أبا العلاء المعري يلقي بنبوءاته الشعرية على كائنات لا تفهمه ويردّد:
في كل جيل أكاذيب يدين بها
فما تفرد يوما بالهدى جيل
فجأة لفحته ريح الثغور الشرقية فوجد نفسه بمعيّة الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي على شط من شطوط البصرة المزدهرة، محدِّقا ببصره في البعيد حيث مواطن سلالته العتيدة، متبرما من أهل زمانه ومنشدا:
(اني بُليت بمعشر نوكى أخفهم ثقيل.
قوم إذا عاشرتهم نقصت بقربهم العقول
وهم كثير بي وأعرف أنني بهم قليل)
شرب الرجل الغريب وحين ثمُل وجد يده المنفصلة عنه على كرسي في طاولته تشاركه الشرب..
أخذ يعاتبها على موقفها منه. قالت : إنها سئمت الحياة معه وأنه رجل مزعج. – كيف تتسنّى لي الحياة من دونك.. كيف تتسنّى لي الكتابة؟
– ستنبت لك يد أخرى.
يئس الشاعر من الحوار مع يده، ومشى عبر دروب لا يعرفها، تسبقه منشفة النادل المبقّعة بالدم. وفي نهاية الزقاق، الذي يشبه كهفا تفوح منه روائح جثث متفسخة منذ القدم، أبصر سريرا تتوزع على مساحته جماعات من النسور العمياء ذات الألوان المختلفة، بينما كلاب الجيران التي عرفها في طفولته تفضح حركاتها عن إشارات شبقية داخل الكهف. وأبصر على مقربة من فوهة الكهف سفينة نوح تقترب مطلقة حمائمها باتجاهه بغية الاكتشاف. فجأة يظهر مخلوق بشري يقدم وجبة العشاء لهذه الكائنات المخمورة، ثم يطير فوق تلال من نحاس.
ركض الشاعر وراءه ليسأله عن سر هذه المأدبة وعن حمائم سفينة نوح، والكلاب التي عرفها طفلا..
لكن لا فائدة فالنقطة التي أخذ حجمها يتضاءل في تخوم الأفق، اختفت نهائيا. رجع إلى الكلاب التي ربما لامست حقلا مضيئا في بريّة أعماقه، حقلا كاد غبار الأزمنة أن يطفئه باكرا.. لكن الكلاب تلاشت في تلويحة عين، تاركة حشرجة صوت. استطاع الشاعر أن يفكك رموز شفرته.. لا تسلْ عن شيء ليس هناك من شي ء يسأل عنه أو يعاد قوله :
لقد كبر الأطفال وتفرقوا بعضهم أكلته الحروب والفيضانات أو مات بالسرطان. بعضهم امتصّته الأرصفة والأوهام، بعضهم…الخ.
حين استيقظ الشاعر من نومه، سألته المرأة ماذا تريد أن تفعل هذه الليلة ؟ قال : لا شيء.
سقراط في (مولات) الإغريق
حين وقف سقراط أمام واجهات المحلات التجاريّة لمدينة أثينا العظيمة، مطلِقاً صرخة استنكار وتعجب؛ لماذا كل هذه المنتجات، ماذا يريد الأثينيون من كل هذا؟!
كانت أثينا في ذروة ازدهارها المادي والروحي، الفلسفي والأدبي، وكان هناك ما يمكن وصفه بنوع من التوازن بين المادي والروحي في الحياة الإغريقيّة في ذلك الزمان.
وهو ما نلاحظ مثيلاً له على نحو من الأنحاء في حضارات أمم أخرى على مرّ التاريخ البشري.. وفي بغداد التي كانت أثينا عصرها مدينة للسلام والحضارة والمعرفة، يمكن الكلام على هذا النوع من التوازن قبل سقوطها المأساوي وتكرار ذلك، حتى الوصول إلى هاوية العصر الحديث، وهذا المشهد القيامي المريع..
تُرى ماذا يمكن القول في البرهة الراهنة ونحن نشاهد تراكم المنتجات الاستهلاكيّة الذي يدخل طور الخرافات والأساطير؟ مصحوباً بالسيل الجارف من الإعلانات والدعايات التي تشكل حيّزاً أكثر أسطوريّة وفظاظة من البضائع والسلع المنتجة على مساحة العالم، وفي مختلف الوسائل المسموعة والمرئيّة وفي كل الأمكنة في البر والبحر والجو، وما بينها من ضفاف وثغرات، تحتلها الدعايات العملاقة المضيئة اللامعة التي لا يمكن لكائن أن ينجو من سطوتها الباذخة، حتى وهو في كهف بأقصى قرية نائية..
ماذا يستطيع الإنسان على مساحة عمره، أن يستهلك من تلك البضائع والمنتجات التي شكّلت أسطورتها الخاصة متجاوزة بما لا يقاس، ليس ضرورات الاستهلاك، وإنما كمالياته وترفه، حتى مكبات القمامة لم تعد كافية لاستقبال فضلات المترفين والأقل ترفاً؟
تدخل أسطورة الاستهلاك، حتما في سياق المظاهر الاستعراضيّة والمفاخر لكائنات، ليس لديها ما تفتخر به، كائنات ينخرها الخواء الروحي والثقافي والأخلاقي، فليس لها من ملاذ إلا عقيدة الاستهلاك والمظاهر الاستعراضيّة البلهاء..
هذا ينطبق بشكل أكثر حسماً على البلدان والشعوب التي تستقبل تلك المنتجات والسلع والبضائع مع قيمها الجاهزة من إعلانات ودعايات صيغت بتقنيّة، مبهرة من الكذب والاستحواذ السطحي، وليس قيم وشروط الإنتاج والابتكار التي رافقت مسيرتها العقلانيّة والعلميّة حتى استوت وفاضت على هذا النحو الكاسح الذي أفرز فلاسفة وأدباء واصلوا الاحتجاج السقراطي على نحو مكتوب وأكثر استفاضة وتحليلاً.
***
لا بد أن هذا الاستعراض الانتاجي والاستهلاكي الذي يربض على معظم شروط الإنسان المعاصر، أن يصحبه استعراض يوازيه حجماً وانتشاراً، خاصة لدى البلدان التي تعيش عالة على الآخرين، استعراض لا يقل بذخاً إعلانياً ودعائياً، من الجثث المجندلة هنا وهناك.. من الجوعى والمحرومين من أبسط ضرورات العيش.. من الذين تسحقهم الحروب، وقذفت من بقي منهم على رمق إلى صحارى العُري الدموي والضياع.. وإلى مكبّات النفايات العملاقة كي تختلط أجسادهم الممزّقة مع فضلات اخوانهم المتخمين والملاّك الثابتين والمتغيرين باستمرار؛ اذ لا مقابر جماعيّة تستطيع استيعاب كل هذا العدد المهول من الضحايا والمنكوبين..
فلسفة الكوكتيل
حين نظر فيلسوف التاريخ وخاتم المنظومات الكبرى (هيجل) من شرفته إلى نابليون بونابرت، وهو يتقدم الجيوش مكتسحاً ألمانيا، كما اكتسح أوروبا وغيرها،. قال قولته المعروفة: «رأيت فكرة تمتطي حصاناً»..
رأى هيجل في الامبراطور الفرنسي، أو الذي أضحى ذلك لاحقا، التجسيد الواقعي الأعلى لأفكاره حول روح التاريخ والدولة . رأى التجسيد في نابليون، مطلق التجسيد، فالمطلق ينزل من سماواته إلى التاريخ، أو يحل فيه كما يحل هذا الأخير في شخص نابليون، وهو يقود فيالقه المظفرة لمزيد من تجسيد صفاء الرؤية الهيجلية المبتهجة بتحقّقها على الأرض.
مثل هذه الرؤى المركزية الكبرى المتعالية، من الطبيعي والمنطقي كجزء من سياقها البنيوي، أن ترى في الأفكار والشعوب الأخرى انها الأدنى أو الأقل أهمية إن لم تكن معدومتها .
فالصين في نظر الفيلسوف الكبير، هي دولة لا بد أن تذكر بدولة قديمة، لكن لا ماضي لها …. كل تلك الأفكار العظيمة المتحدرة من سلالة الفلسفات الصينية القديمة لا تستدعي حتى إشارة تقدير عابرة . وهي الأفكار التي ترحّلت عبر الأحقاب لتغذّي (الديالكتيك الهيجلي) بتأملها العميق تأمل زُهاد ومصلحين، لكن في العمق طريقة النظر تلك إلى الحياة والوجود والتاريخ . فلاسفة اشكاليون ذوو طبيعة ثرية ومركبة .
وكذلك على صعيد الأفكار الأخرى التي تعتبر تلك المنظومات المتعالية أنها غير مؤهلة للنظر الفلسفي . وفي السياق نفسه يندرج علم الآثار مثلا (علم تاريخ القمامة) ودراسة فضلات الشعوب البدائية . على عكس ما تحقق لاحقاً من جهة مفكرين انزلوا الفلسفة من عليائها الهيجلي إلى الحياة والهوامش كما انزل هيجل المطلق من مجراته اللاهوتية إلى التاريخ وأبطاله ورموزه.
(نيتشه) ربما هو أول أو أهم من هزَّ حد التكسير، عرش تلك الصروح الكبيرة وأذاقها مرارة الأسئلة المأزقية، لينفتح الأفق واسعاً بمسالكه الصعبة والخطرة، لسلالة لاحقة يمكن القول انها تحدرت من شجرة السلالة النيتشويّة و«نسقها» الجديد.
هكذا تغيّرت طرق النظر الفلسفي لأوروبا والعالم، وانسحب هذا التصدع إلى ساحة الأدب والفن وكافة أشكال التعبير. وصار المفكر والأديب والفنان، ليست المواضيع الكبرى على أهميتها الأساسية، معين تعبيره ورؤاه، وإنما حتى الأشياء المنسية والمحتقرة والصغيرة معين تأمل وإبداع لا ينضب.
وهذه الأشياء والحيوات المقذوفة بقسوة على سطح العالم وأسفله، يمكنها فتح العين الرائية لما خلفها من معادن ثمينة، من روح ونبض وأعماق.
***
تلخّص المحادثة التي جرت بين (سارتر) و(ريمون آرون) جانبا من هذا التحول الفلسفي والأدبي . كان الأخير مختصاً في (هوسرل) الظاهراتي، حين أشار إلى كأس كوكتيل أمامه، وهما يجلسان بمقهى في ساحة (مومبرناس) في باريس .
ها أنت ترى يا صديقي أنه يمكنك أن تتحدث عن هذه الكأس وتستخرج فلسفة .
هكذا أهمية المرئي مهما كان صغره أو تفاهته، في ضوء المفاهيم المتعالية، في الفلسفة والفن التي وصلت إلى أقصاها في الهيمنة لينفتح فضاء آخر بحيزات مختلفة يغني ويثري ما تحقق عبر التاريخ والجغرافيات الروحية والمكانية .
زلزال بلاد الشام
بالفعل، هذا الكتاب الموسوعي من المختارات الشعريّة العربيّة على غرار الحماسات لأبي تمام وغيره، تصدقُ عليه مقولة أبي ذر الغفاري حين سأله ولده «يا أبت مالك ان تكلمت أبكيت الناس، وإذا تكلم غيرك لم يبكهم؟» فقال: «يا بنيّ ليست النائحة المستأجرة كالثكلى».
فالأمير الأديب والفارس، أسامة ابن منقذ، كانت حياته الملحميّة بكل ما لهذه الكلمة من دلالات مأساويّة، ذاتيّة وموضوعيّة عامة، تجعل من تلك الحياة المليئة بالأخطار والأهوال والحروب حياة فريدة على نمط الشعراء الفرسان الذين وحّدوا بين القول والسلوك واستضاؤوا بقلق الأخطار وقيم البطولة، بحيث ان التاريخ لم يبخل عليهم بكل ما هو فاجعي وطاهر ونبيل، وما أحاق أيضا من دناءة البشر المحيطين وخسّتهم وانحطاطهم.
أسامة ابن منقذ المولود في (شزر) من نواحي حلب من أسرة عربيّة عريقة المحتد. كانت فترته فترة تشظّي الدولة العربيّة الكبرى إلى إمارات ودويلات مبعثرة على أنقاض الامبراطوريّة المترامية المنعة والأطراف.
كان الروم والصليبيون من جهة والفتن الداخلية والمؤامرات.. كان منقذ يخوض حروبه الكثيرة على كل الجهات من فلسطين والموصل إلى مصر وغيرها.. مما يجعل حياته الموشومة بالغيابات الكثيرة والانفصال عن الديار والأهل، جديرة بتأليف مثل هذا الكتاب الذي اختار أن يتأسّى بشعر السابقين في مجال الرثاء والفجيعة وقصف الأقدار العاتية. على ما لديه من إنجاز شعري وأدبي خاص في هذا السياق. فيبدو أن حجم مأساوية الروح الثكلى عنده تحتاج إلى أكثر من ذريعة تعبيريّة ومجال..
فهو بجانب الإشارة الآنفة إلى حياته في الحروب والأهوال، ضرب زلزال مدمّر في غيابه، منازله ودياره فمزّق أيما مُمزّق شمل الأهل والأحبة والديار، وتركها قاعاً تصفر فيه رياح الكارثة والغياب والعويل..
وحسب ابن الجوزي فان الزلزال حوالي سنة 552هـ، هدم حلب وحماة، والمعرّة وحمص وانطاكية ودمشق وطرابلس..
أما شزر موطن الولادة والطفولة فلم ينجُ منها إلا امرأة واحدة.. أمام أهوال هذه الفاجعة، فليس أمام أسامة ابن منقذ، إلا بعض العزاء الذي نجده في مرآة الآخرين ممن أصيبوا بمسّ نكبته وحزنه.. على طريقة الخنساء «ولولا كثرة الباكين حولي/ على إخوانهم لقتلتُ نفسي».
كتاب غني، وُجدت نسخته الأصليّة في (المتحف الآسيوي بليننجراد) بخط أسامة نفسه وبمقدمة للمستعرب أنس خالدوف.. وحققه لاحقا مصطفى حجازي. رغم تلك الحياة التي عاشها أسامة ابن منقذ والتي كان الموت يتحيَّنها دائما، كان رفيقها الحميم، عاش حتى التسعينيات من عمره حيث ضجر الشيخوخة ووهنها وانهيار الأحوال، من غير أي سند على مواجهة الزمن والصيرورة.
«الموت لا يقدمه ركوب الخطر ولا يؤخره شدة الحذر؟».
في هذه اللحظة الفاصلة من التاريخ، نفكّر أن زلزال بلاد الشام يترحّل من مهاد الطبيعة وأركانها إلى أرض البشر ومنظومة علاقاتها نزوعاً وحلماً إلى (الحرّية والكرامة والعدالة). وأن روح أسامة ابن منقذ وأمثاله من الأبطال الأسطوريين، تحلُّ في أعماق البلاد طولاً وعرضاً، أفراداً وجماعات, لا تخشى ركوب الخطر وأشباح الموت الجاثمة في كل الأزقة والجهات..
***
باريس، بجسورها الكثيرة، تتبدّى مثل امرأة تعشق الأساور: بالفعل تلك المدينة الفريدة المفتوحة على هبوب القارات، تشكلُ جسورها لوحات جمال ورشاقة راقصة. على عكس جسور مدن تُفصح عن فظاظة ونشاز. جسور باريس عناصر انسجام في هارمونية المدينة الكاملة.
***
موسيقى خفيّة (ولا أجمل) تنبعث من عيون تلك الصَبيّة المراهقة.
***
لا أتذكر قائل هذه العبارة الدمويّة: علم النفس والمقصلة، الاثنان يستهدفان الرأس.
***
بماذا يوحي لك مشهد بؤس العالم؟
ربما بشظايا حطام القيامة الجاثمة على مقربة… وبلا مشروعيّة السؤال في الضوء الباهر لشمس الانحراف الساحق في حقيقة المسار الأزلي.