Press ESC to close

مقالات عن الكاتب

سيف الرّحبي: ألم فلسطين هو ألم الشعر

الحوار مع الشاعر العماني سيف الرحبي ممتع ومهم، فمسيرته الشعرية المميزة تداخلت مع إسهامه الكبير في احتضان نصوص الكتاب العرب، والاحتفاء بها على صفحات مجلته الشهيرة (نزوى)، أحب بساطة وعفوية الرجل، الذي لا يتوقف عن إرسال سلاماته لشعراء فلسطينيين عاش معهم في أماكن عديدة، ونشر لهم في مجلته، زار الرحبي فلسطين مع وفد عربي، ولم يتح له التجوال في المدن كما يجب بسبب اندلاع الانتفاضة الثانية.

«منيرفا» سيف الرحبي: بحثا عن بلاغة لسرد الأزمنة السيئة

يقال إنّ نابليون بونابرت عندما اجتاح الأراضي الأوروبية في ما عرف بـ»الحروب النابوليونية» بين عامي 1803 و1815، صدّر الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل (1770- 1831) كتابه «فلسفة الحق» بقوله: «إنّ بومة منيرفا لا تشرع في الطيران إلا بعد أن يحلّ الظلام»؛ وهو يرمز بهذا الطائر إلى ما يتهدد الحضارة الإنسانية من عوامل الخراب والزوال، ثم يصير للفلسفة أو ضروب الحكمة المختلفة دور لا غنى عنه في مثل هذه الأوقات العصيبة، التي يُعدم فيها العقل لصالح الجهل المُعمّم. تحليق الطائر هو بمثابة تشييد المسافة الضرورية بينه وبين الواقع العياني، لفهم ما يحدث وتجاوزه.

سيف الرحبي: «التراث» ليس استعادة فلكلورية تبرر وجودنا السطحي وإنّما إعمال في صميم حركة الحاضر

يمضي بنا الشاعر سيف الرحبي في هذا الحوار لأمكنة خارج الشعر، يمضي بنا نحو فيوضٍ من الرؤى والتأملات العميقة حول الهشاشة التي تقوضُ نسيج الوعي العربي العام، فهو لم ينفصل يوما عن أحلامه وانكساراته وخيباته الكثيرة. فبينما كان الناس يتحدثون عن هزيمة ٦٧ وكأنها حدثٌ شبحي أو خرافة بعيدة، كان سيف الرحبي يتلمسُ أسئلته الجنينية الأولى في التعاطي مع العالم. تلك المرحلة العربية الحاسمة التي كشفت هشاشة التفكير وخراب البنى الأساسية، فتعثرت كما تعثر مشروع النهضة العربية من قبل. يُفسر لنا الشاعر سيف الرحبي صدمة مجايليه والأجيال اللاحقة بالأنظمة التي رفعت شعارات المد القومي والاشتراكية والعروبة إلى مصافٍ خُرافي ميتافيزيقي بعيدا عن مُعطيات الواقع.

عن الشاعر سيف الرحبي وافتتاحية العدد 114 من مجلة نزوى أفريل 2023

كيف يمكن لليأس أن يكون مضيئًا ما دام الحزن المتراكم مقيمًا فينا مثيرًا عتمته في مسارات حياتنا، وسط زحمة هذا العالم المسرع نحو المستقبل المجهول؟ وماذا عن تلك الأيام التي تغيب ثم تعود لتحل بثقلها الجميل على الذاكرة العصية على النسيان؟ ومن يرمّم ثقوبها سوى شاعر يروّض لغته ويقلع عبر العملية الكتابية إلى عالم نورانيّ مختلف؟