صوتك

من يوقف هذا الهيجان في الأعماق

 آه , لو صوتك صوتك فقط

خفقة نسيمه تصلني عبر المسافة

نسيم البحيرة المسحورة

التي غرقتُ فيها أخيرا

 خفقة الجاع المُتعب.

لهدأت عواصفي قرب الضفاف .

المدينة المنكوبة

في المدينة البحرية

التي عشت فيها زمنا

مدينة القراصنة

والأصدقاء الرائعين

 قبل أن تصعقهم ريح الجنوب ,

 كنت تتنزهين في ردهات الميناء

 مأخوذة بالسديم

حين تهت بين السفن والأشباح

مع صديقتك التي لا تشبهك

وكانت روحك , تشرق من بين الأنقاض

مرعى أيائل ودليل حكمة ناقصة

بنظارتك السوداء السميكة

التي راودتني الرغبة في تحطيمها

 تصطادين البحر

موجة بعد موجة ,

ربما حلمتِ بهدايا

للمدينة المنكوبة .

* * *

جاءوا من بعيد

يحيونك بالنرجس والأقحوان

أنت الغربية المرتجفة بسعادة غامضة كنخلة

 يحركها نسيم في صحراء،

 المغولية العينين

الهجينة بالريبة والسُلالة

 تردين التحية بأحسن منها

تمتمة راعشة في الشفاه

الخجل الذي يتوارى من غير حجاب

 والصمت المُزهر في أحداقك

كما تزهر أشجار

في غابة .

شعاع قرن قادم

كان الفجر بدأ في الظهور

وكانت الموسيقى, تصعد تدريجيا

حتى تتلاطم مع ظلاله في اشتباك

عذب وعميق .

كان الفجر هكذا

حين تذكرتك

جالسة مع دفتر مذكراتك

في بهو الفندق , حيث كان الأصدقاء

 يصخبون مع مطربة المطعم ,

وكأنما على حافة الكون

نجمة تلمعُ بين رماد الغرقى

في البحار التي لا ينقطع نشيجها طوال

الليل.

تبدين شبقأ للشُهب التي تساقط

على مقربة منك

وصفتها ذات مرة

بكرم السماء

وكان دانتي, قد نعت النجوم في جحيمه

بكائنات السماء الجميلة.

لو كانت تمطر، دافقة وغزيرةِ.

لو كان كرمها عظيما على الصحراء

 لو كانت تمطر يا إيفا.

مرّ دهرٌ لم أرَ فيه أمطاراً

عدا الأمطار التليفزيونية طبعاً

تقفين على الحافة

تستسقين النجوم , التي كان الذبياني

يرعاها في ليله البطيء والثقيل .

كانت دنف العاشق المذعور أمام سطوة الوجود

الذي كان النعمان

إحدى رسائل بطشه.

تقفين على الحافة

تنظرين الى شعاع قرن قادم

(مات كرم الروح )

قلتها في بهو الفندق أيضاً

فما فائدة الأزمان , تترى

على صفحة الضحية ؟

المحطات موقد الغياب

يا لأيامي ووحدتي

أقولها صراحةٌ

من غير مواربة ولا كناية

لأن هذه الأسوار والكوابيس

العاتية ستنجز لا شك , مهامها

الضارية في أعماقي

ولأنّ كلب الطفولة كفّ عن النباح

خلف تلك السهوب اللامعة من الحلْفاء.

البارحة افترقنا

هكذا من غير وداع

ولا دمعة يكبها نيزك بعيد

هكذا

دائما

على مفترق طرق وأزمنة

ربما الالتفاتة الثكلى لآيل جريح

بين المحطات التي تشبه ساحة حرب

رأيتها تحلّق في الأفق

وحيدة هي أيضا

من غير شفاعة ولا آلهة

لا تنظر إلى شيء.

 كانت زائغة وجميلة

الجمال الشاحب في موقد الغياب

سحنة البداة في نار ليلهم

الغيمة التي يشطرها برق

العاصفة .

بعد ساعات رجوعي

من بلادها البعيدة

كانت أول زوّار ليلي

رأيتها ترتب آنية الزهور

وتلهج بأسماء أشجار لا أعرفها

تقول : إن بيتك موحش وكئيب

وبحاجة الى حديقة تحد من فيض الصحراء .

رأيتها تصلي بين أطفالها الكثيرين

وتنهاهم عن هواية قتل العصافير

هي التي أبادت مدنا كاملة

من غير رنّة جفن

وأماتت الأفعى التي لسعتها

كانت في الصلاة

كما في محطة القطار

 شاحبة

في ضوء شموعها الراحلة .

المياه التي باركها الأنبياء

الغنيمة التي جادت بها السماء

والمياه التي باركها الأنبياء

على صخرة عطشهم الكبير

رفّة جناح الهدهد في عرش سليمان

تبكين ألما وبهجة

وتبكين رغبة ، تنفجر على منعطف الأشواق

(عروق جسدي أنهار خبيئة)

تسيرين بأصبع عار من خاتم

الزواج

كنت البحيرة التي تحلم بها الريح .

* * *

تغلقين الأبواب كلها

كي أفتح بابا أو نافذة

أطل منها الى كهفك المظلم

إلى كنوزك الخفية

حيث تتدلى الأهلة والسلال

بأثمار ناضجة

وظباء تنضح حركاتها عن جهل

الذين مروا قبلي .

اللُقية الباذخة

للجسد المجبول بالنسيم

وللمتسكع في ليل الأعضاء

يرشح دم الرغبة

بحثا عن النبح المسترسل في

هذيان الغابة .

سدرةُ المنتهى

باليد الوحيدة العزلاء

اليد المضرّجة بصرخة الذئب

أخلع الأبوابَ

باباً باباً

سلّمةً سلّمةً.

وببصيرة ثاقبة

مضاءة بزَرَدِ الثُريا

يتبعني الفلوُ المرتجف

وسط رماله الهائجة

صعودا

هبوطا

حتى اقاصي الشهقة .

عطر الأبديّة

سدرة المنتهى.

صقيع الخارج

كانت تلك نأمة القطا

على الضفاف

نبرة اللجين

صوتك الباحث عن الدفء

وأنت تفتحين الباب

هاربة من صقيع الخارج.

الليل البهيمي للحيوان

حين نطقت لأول مرة “كلمة” أه

تداعت في أعماقي ممالك وذكريات

انهمر الثلج عميقا في الظلمة

انهمرت موسيقى

وكان حصان يجرى لاستقبال الأميرة

 المفتونة بالليل البهيميّ للحيوان.

كنت قرأت كتاباً

وصفته بأثقل من نكبة على القلب

لكن المفردة كانت حرةّ تتجول في المقهى

بعيداً عن القصد

وكنت أسيرها

أسير الالتباس القاتل للحكاية

آه

تخرج من الفم الهاذي

أمام الكنيسة

كأنما حورية تتعثر جريحة في الغابة .

طائر يعبر الحديقة

كنت تميلين برأسك في الفراغ الكبير

رأسك المترنحة بالضجر والنعاس

كأنما على كتف طائر يعبر الحديقة

في الصباح

كانت تلك لحظة ضعفك

المجيد..

قوس الجسد الضاري

أسقط في هاويتك السعيدة

مشدودا بقوس الجسد الضاري

قوس قزح الفخذين

حيث يتغذى النسغ من أنهاره

الرحيقية.

صيف الأبدية

ما كنت أعرف

أن يومين، يومين فقط

سيأخذان روحيَ

نحو صيف الأبدية.