حسام الدين محمد
· بعد ثماني مجموعات شكلت صدى ومعالم سيرة سيف الرحبي كشاعر يحاول باستمرار تأسيس صوته الخاص ضمن تيار القصيدة العربية الحديثة، ها هو يطالعنا بمجموعته التاسعة ((جبال))، و((جبال)) تبدو استمرارا في سياق يستقصيه شاعر ويمكننا تبين خيوطه في عناوين مجموعات أخرى له مثل ((الجبل الأخضر)) 1983، حيث يحضر اسم الجبل لفظا، او في ((منازل الخطوة الاولى))، 1993، و((رجل من الربع الخالي))، 1994، حيث الاحالة الى مكان الطفولة والذاكرة.
الماضي المرتبط بالمكان هو موضوع رئيسي وركن أساسي اذن في مشغولية الرحبي الشعرية.
تتبدى هذه الموضوعة تماما في ((جبال))، ومن ضمن 31 قصيدة هناك ثماني قصائد تشير عناوينها مباشرة الى دلالة المكان، الشيء الذي يتوضح ويأخذ حجمه الحقيقي الاكبر ضمن نصوص القصائد ودلالاتها الاعمق.
يتبدى ثقل الماضي الباهظ في قصائد الرحبي على كل الاصعدة: النحوية واللغوية والدلالية.
يظهر بذلك في قصيدة ((حكاية هذا الصباح)) مثلا في استخدام حرف الجزم ((لم))، وفي استخدام الفعل الماضي، وفي ذكر ((القرون)) كوحدة زمنية.
وفي قصيدة ((غرفة)) يتوطن كائن جديد في القصيدة ((الأشباح))، كما يتم تذكر الماضي بشكل تحسري: ((كم كانت أيامك خضراء)).
تحضر موضوعة الزمن ايضا في تردد ذكر الاسلاف أرواح الموتى والأجداد ومظاهر حركة الزمن على جسد: ((شعرك يغزوه الشيب- وجسدك…))، وعلى الامكنة: ((الاوابد الداكنة)).
وموضوعة المكان في مجموعة ((جبال)) لا يمكن استيعابها خارج علاقتها المضنية بحركة الزمن، فالـ((جبال)) والامكنة غالبا ما ترافقها مباشرة دلالات الزمن وتقلبه: ((أيام تتلوها ايام/ الديار تضمحل في عيني عاشقها/ والجبال عرين الذكرى/ تفقس النسور بيوضها/ الاقرب الى ألوان الرمال والصخور/ من فرط ما ارتطمت بالأزلية))، وهو امر شديد التلامح في قصيدة ((هذيان الجبال والسحرة)) حيث تتتالى دلالات المكان والزمان فنجد كثبان الرمل تترادف مع الازمنة المكدسة على باب الشاعر، والايام التي تتلوها أيام تترادف مع ((أرض الأنبياء))، والظهيرة مع الربع الخالي، و((البيوت الطينية)) مع ((أزمنة الجفاف واللعنة الازلية))، والازمنة المتكدسة مع ((متاهة الوادي))، كما تتغير اللازمة من ((أيام تتلوها ايام)) في القصيدة الى ((جبال تتلوها جبال)).
قصيدة الرحبي المركزية هذه يمكن اعتبارها تبئيرا ومركزة للمجموعة، ولعل تحليلها يضيء ويجلي الكثير من طموح المجموعة ككل.
تبدأ القصيدة بموضوعة الرحيل، وهي موضوعة أساسية ايضا في عالم الرحبي الشعري،لكن الرحيل هنا ليس خارجيا بل داخلي: ((لقد ذهبوا بعيدا صوب انفسهم/ وذهبوا في الوحشة))، والذهاب الى الوحشة متبوع بنقطة تغلق الفكرة وتفتح دلالاتها: ((أيام تتلوها ايام/ الديار تضمحل في عين عاشقها/ والجبال عرين الذكرى)). الوحشة تفضي في دلالاتها الى تملي مرآة التذكر: تذكر الزمن الطويل المار، وتذكر اضمحلال الامكنة الحميمة. الخسارة هنا مزدوجة: في الزمان كما في المكان.
يحيل الشعر هنا بسهولة الى تجربة روحية عميقة، وتجد هذه التجربة تصاديها بالحوار من طرف واحد بين ((الساحرة الولود)) والشاعر الذي يسوق قطيعها بعصا الراعي، ويرتمي في ((ظلالها الثكلى)).
الحركة اللاحقة تشير مجددا الى انتقال في المكان ((هشمت اعضائي بين مدن شتى))، غير انهانتقال عنفي يحيط به ((غياب الراحلين))، ويحضر في داخل الشاعر كتشتت لاعضائه. هذه الانتقالة  العنيفة تتحول لما يشبه مشهدا قياميا بمناظر غريبة مخيفة.
يتتابع الحوار مع ((الساحرة الولودة)) التي تتشخص اكثر وتتحول الى تجسيد رمزي للوطن. ((فيممت شطر وجهك الانقى/ موئل القسوة وتاج طفولتها..)) وتتتالى اللازمة، مرة دالة على الزمان: ((أيام تتلوها أيام)) وأخرى دالة على المكان: ((جبال تتلوها جبال)). الزمان والمكان لا يترادفان فقط اذن بل يتبادلان الدلالة ويتمازجان، وفي ما بين تمازجهما تشهد تحولات القصيدة وتموجاتها.
في لحظة ما من القصيدة يتحول الشاعر الى التساؤل: ((جبال تتلوها جبال/ هذه الابدية من سراب الكائن/ أي اسرار تخبئها/ أي خلائق ستقذفها ذات يوم))، ثم لا يلبث الخطاب ان يتحول الى نشيد وجداني محموم: رحمة بنا ايتها الجبال/ بيقين مرابضك وشعابك/ لم تكوني سببا لشقائنا/ لكنك من تملكين مفاتيح الرحمة)).
من استرحام الجبال، وصولا الى استذكار ((السلالة)) التي تعاقبت تحت سطوة هذه الجبال، ((شعوبا وقبائل/ تجرفهم الرمال والفيضانات))، ينتقل الشاعر الى الرؤيا من جديد، ولكنها ليست هذه المرة رؤيا قيامية: انها رؤيا حزينة فحسب: ((أسمع نفير الأقوام/ قادما من فجاجه البعيدة/ اسمع نحيب الصفرد تحت الصخرة الكبيرة/ التي كانت ظلالها../ تغطي البلدة بكاملها- وكان الليل على منحدر النزول/ حين كان السحرة ينادون الفلاحين/ بالعودة الى بيوتهم)).
وفي هذا المقطع القصير نجد العديد من مفردات المكان: الفجاج البعيدة، الصخرة الكبيرة، البلدة، منحدر النزول، البيوت. ونشهد أيضا تداخل الازمنة، من المضارع الذي يستشرف المستقبل: (اسمع نفير الأقوام/ قادما من فجاجه البعيدة) الى الماضي الذي يتم الانتقال اليه مباشرة في حالة التذكر: (اسمع نحيب الصفرد تحت الصخرة الكبيرة/ التي كاتن ظلالها…) فيتكرر الفعل الماضي (كان) ثلاث مرات في الجمل اللاحقة.
ويرد ذكر السحرة هنا (وهو الامر الذي سيتكرر وسنحاول استقصاء دلالاته مع تداول وروده في  القصيدة)، والشيء الاول الذي نتبينه في هذه المفردة حسب ورودها هنا، انها تتعارض مع دلالة الخروج، او الانحدار، وتتواصل مع دلالة العودة الى البيوت. ونلاحظ مع ورود المفردة بعد ذلك ارتباطها حتى الآن بمفردات الانحدار والنداء، ففي المرة الاولى ذكر منحدر النزول ومناداة الفلاحين، وفي المرة الثانية ذكر أيضا انحدار الرمال مع نداء السحرة على الفلاحين،حيث يتكرر الانحدار والنداء.
تزداد صفات السحرة من خلال الصفات السلبية ومعالم بالصراع الذي تتبين ملامحه بينهم وبين الشاعر. صراع يتلوه الاحتدام ((احتدمت حرب القبائل))، حيث تترادف صور الحرب وتداعياتها الشخصية لدى الشاعر: انحدار الرجال على الهضبات، غيمة الرصاص التي تجلد القرية. اسلحة تمتطي الجمال والبغال ((حروب واضحة/ وقتلى في مجد الظهيرة)).
هذه الذاكرة المجروحة تتسع لتضم ذكريات القتلى التي تهبط روح الشاعر: ((قتلى يملأون الصالة/ ويشاركونني السرير وغرفة النوم/ حتى قنينة النبيذ/ أراهم يتآمرون في قعرها/ ويضحكون/ محدقين في جثتي/ بعيون، يبدو من اشكالها، انهم قدموا/ من كل جهات الأرض. هؤلاء القتلى ينادون الشاعر للرحيل من ((واحة الجنرالات))، حيث يجد نفسه ((في البيداء)) يسأل ((أي الطرق تؤدي الى اليمن؟)).
تنتقل القصيدة في ما يشبه المشاهد السينمائية المقتطعة من فيلم رعب ((ترى نفسك في حانة على منحدر مضاء بالعتمة، وثمة عتالون سكارى، يقصون اطرافك بمشاريط صدئة جلبوها من مستشفى دمرته الحرب))، ((مواكب سحرة وبوذيين وفيلة))… الخ.
ورغم ان كل هذه المشاهد تشير بشكل او آخر الى هزيمة عامة وشخصية، فان هذه المفردة لا ترد بلفظها، يحضر بدلا منها الدم، والرعب، و… الانحدار، فكأن النزول من ((الجبال)) عنى في ما عناه انحدارا نحو التيه والضياع. وتقوم الصور الفانتازية في القصيدة بخلق المعادل الموضوعي لهذه التجربة القاسية المخيفة، والاليمة ولعل عدم وجود صفة الهزيمة عائد الى وجود الشاعر الاشكالي في المكان فهو يعاني من مفهوم الانتماء أكثر مما يعاني من مفهوم الهوية، فانتماؤه اشكالي وهو متجاذب بين نقيضين لا يحس حقا بالانتماء لهما، وهو لذلك يقوم بتأصيل انتمائه الى ((الجبال)) التي ترفض الانحدار.
تتتابع المشاهد الدموية لعالم الجبال الذي تغير للابد فيما ((الخلائق تمضي بشماعة أملها الواهن، وسط لجج من اللافتات والحيل السينمائية))، وحيث ((وجوه ذابلة ونحيلة، محاطة بالأيام الخوالي وحروب الثأر، صار الموت يأكل من أطباقهم بشهية، من فرد المقابر التي نبتت عشوائيا)).
ولكن من الدم ينبع التحدي: ((لن نحاور ملوك السفح)) (…) ((السحرة الذين القوا اخي في غياهب الجب)).
في هذا المقطع يتبلور التناقض بين الجبال والشاعر كهوية وانتماء، وبين السحرة ((ملوك السفح)) الذين ((قالوا لك نغل السلالة/ وظلوا ينثرون الاشاعات حول قبر جدك)).
والصراع بين الشاعر والسحرة يتحول من صراع عام الى صراع شخصي: ((ولا اثر للفقيد/ لا أثر للأم/ لا أثر للعائلة…))، ومن هنا يظهر الجانب الانفعالي المشبوب والحزين للقصيدة التي تقوم اذن على هذا الصراع المحسوم، والتراجيدي، ولكن المليء مع ذلك برغبة الرفض والتحدي، فالايام تتلوها ايام والجبال تتلوها جبال، والغضب يتلوه غضب، والمقاطع المعبرة عن الهروب والاحباط والغرق في الكحول والنساء تتلوها أخرى تعبر عن القسوة والتجمد ((شربنا مياه العالم ودمه ولم نعد نبكي/ لم يعد ذئب الفلاة قادرا على النحيب كما في الماضي)). صحيح ان الشاعر ((لا يتذكر شيئا من ماضي الفريسة والجبال والمدن التي تناسلت فيها السلالة)) ولكنه ((صار يعتكف متأملا ذريته الضارية، مأخوذا بهذا الفيض الذري الذي انبثق كاشراقة في أحشائه)). لقد سقط الشاعر ((في هاوية نفسه)).
ومن هنا هذا الدخول في القوقعة الذاتية والنظر منها تبدأ التساؤلات الحادة: ((أيتها الصحراء.. الصحراء/ ماذا ابتغي من قلبك الذبيح؟/ ومن مدافن قتلك ونفطك؟))، مما يوصل الشاعر الى استنتاجات حادة أيضا، فيخاطب الصحراء مشيرا الى وهم الثراء: ((غادرك الزمان/ وما يظنونه كنزا ليس سوى آلة حتفك الرهيبة))، ويحتار الشاعر في وصف بلاده فهو موزع كالعادة بين الكره والحب: ((بماذا أصفك: / ارملة العصور/ أم مستودع نفايات العالم))؟
يتجه خطاب القصيدة الى انحناءات حادة مليئة بانفعال ناقد مألوم: ((هكذا يقول الخطيب الذي يدحرج الحقائق من فمه/ الجرذان/ أي أجداد بقيت لنا/ أي ماض أية آلهة؟/ نتسلق ظلالنا كما تتسلق العظايا الجدران/ ونمضي صوب بحر لا يشبه البحر/ متحدين بأرواح محمولة على/ محفة (كانت فيما مضى ارواح أمواج وأسماك) )).
ولا يعود لدى نون الجماعة غير مراقبة العا ÿÿÿÿ1605; ÿÿ1605;ÿÿ#1(منظا&5;ÿÿ15 ج׫ال سحيقة))، ((لان الوقت قد تأخر)) ويتساءل الشاعر الذي أفعم بهذه الملحمة من الصراع والألم والدم والعنف: ((ماذا تبقى لنا يا رضوى؟/ نحن أبناؤك الذين نختم البراءة الاولى/ سفحنا على أعتابك من غير دم/ تنام هادئا على جوع فاردا جناحي نسر قتيل/ سفجنا على أعتابك من غير دم)).
نهاية الجبل، رمز القصيدة وأس الهوية والانتماء بوجه ((السحرة)) والمكان الذي ((يسرح فيه السماسرة الذين أتوا من كل بلاد العالم))… الخ، نهاية هذا الجبل هي التذرر والسقوط والاضمحلال: ((أعضاؤك ما زالت تحملها الريح نحو الاقاصي/ ويكنس الكناسون برازك في الصباح/ لأن الشيخوخة لا ترحم الاوابد/ هناك في مأوى العجزة/ ألمح اشباحك تصدم بعضها/ ثم تجلس مع المجاذيب في/ الشعاب الشرقية)).
بهذه الصورة القدرية الشرسة ينهي الشاعر قصيدته ذات النفس السيري ليغلق ملحمة الصراع التي حاولت التعبير في الان ذاته عن تجربة اجتماعية سياسية، وأخرى فردية روحية، ناشرا جناحي قصيدته كما لو كان يحفر في فوهة الألم وبؤرة العذاب الشخصي والوطن معا.
يستخدم الشاعر في هذه القصيدة أساليب عديدة يضيق مجال القراءة هذه عن استيعابها، ولكننا نذكر منها: الحركة الجدلية الخلاقة بين الزمان والمكان، استخدام ما يشبه المشاهد السينمائية (الرؤى الشبيهة برؤى القيامة)، وتبدل الصوت الشعري بين النثرية الوصفية الحكائية وبين الغنائية المشبوبة ذات الجمل القصيرة مثل نشيج متقطع او عويل يعلو وينخفض بين حين وآخر.
* * *
المجموعة ككل مسكونة بعناصر عامة يمكن تفصيل بعضها على الشكل الآتي:
–         يحضر المكان بقاموس كبير مالئا أرجاء المجموعة، اضافة الى قاموس اضافي لمفردات أخرى مرادفة مثل: الانحدار، الصعود، الرحيل، السفر، الاستواء، العودة، المرور، الابحار… الخ، وهذا المكان ليس محض جغرافيا. انه مملوء بالزمان والذكريات وأشباح الموتى واطياف الاجداد. مكان متحرك ومتحول يعاني مثل الكائن ويتألم ويتحطم تحت وطأة التجربة الفادحة. انه تشخيص للشاعر بقدر ما هو تلخيص لمسراه واساساته وهويته المكلومة. يتشخصن المكان ويتأنسن وبتأنسنه يمر عليه الزمان مروره على ((السلالة))، يحمل انفاسها ويقاوم عادية التجربة وجروحها ثم يسقط متأثرا بشيخوخته التي تحمل معالم هزيمة هذه ((السلالة)) وخسارتها.
–         غالبا ما يكون الزمان، اضافة لصفاته التي تلبسها المكان وانصهر بها، هو الذي مضى وانقضى ولكنه مازال فاعلا وناهضا في داخل الشاعر، يستعاد، صورا ومشاهد وأحداثا، ليحاسب الحاضر، والمستقبل، والكلمات التي تتعذب (وتتطهر) باللغة، بأدوات الجزم: (لم نعد نشبه هذا البحر/ ولا هذه الارض/ يبدو ان قرونا مرت بزواحفها/ ونحن نيام))، وافعال الماضي الناقص، وأدوات الاستفهام والتعجب، والمفردات الحادة مثل سكاكين: (أصدقاء لا تنقصهم الخيانة/ والبول على الجثث).
الماضي لا يحضر بلفظه وحسب بل يحضر بطرق أخرى عديدة من خلال ذكر: الأموات، الأسلاف، الأشباح، الأجداد، السلالة.
–         رغم انفراد قصيدة ((هذيان الجبال والسحرة)) بالنفحة السيرية الملحمية، فان باقي قصائد المجموعة ملفوحة ايضا بلهب السيرة وتحمل بشكل أو بآخر بصمات ما تفحصناه في ((هذيان الجبال والسحرة))، وخصوصا قصائد مثل ((منذ ستة وعشرين عاما))، و((منازل)) و((صحراء))، اما في القصائد القصيرة الاخيرة في المجموعة فيمكن تبين نفس جديد، فصحيح انها تشترك بنغمة الحزن الفادح مع باقي قصائد المجموعة، ولكنها مع ذلك توارب بابا آخر للتأمل الهادئ الذي لا يعذبه الحنين ولا يضنيه الماضي، الماضي موجود ومتخلل في كل شيء، والعذاب والحنين ايضا ولكن كل ذلك كامن ومروض بقوة الألم العظيمة: ((ثقيل أمر هذا الليل/ بمعاوله ومعادنه التي تغطس في القلب/ ثقيل أمر هذه البلاد/ يا الهي ازحها قليلا عن كاهلي/ عن قرن ثورك الذي تركته يحمل الصخرة/ هائما في البراري/ لا موت يأتيه ولا حياة/ بريق العذاب ينز من مقلته الحجريتين/ أزح قليلا هذه الصخرة/ هذه الأرض/ هذه البيضة العائمة في الافلاك/ والكأس الفارغة من خمرها/ أزحها قليلا/ فلسنا الورثة الصالحين/ الهي)).
* * *
((جبال)) سيف الرحبي مجموعة صادرة عن تجربة جمالية ونفسية عميقة تكاد تصبح عند الشاعر منجما يغرف منه بتؤدة الحاني الحنون أحيانا، وبشراسة مقاتل الجبل اليائس المحاصر في كمين أحيانا أخرى.
المجموعة معلم مهم في خط سير الرحبي خصوصا وقصيدة الحداثة العربية عموما، وهي تشق طريقها الوعرة مضيئة الجوانب الرائعة من اليأس وملهبة الأماكن الشاحبة من أشجار الروح، تحية للرحبي في مكمنه في أعالي جبال الألم.
القدس