المستقبل – الخميس 11 كانون الثاني 2007 – العدد 2498 – ثقافة و فنون – صفحة 20
تقدم هذه الدراسة، في الأساس، على قراءة تحليلية لأعمال الشاعر العماني، سيف الرحبي، وتتناول كتبه الشعرية الآتية: الجبل الأخضر، مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور، رجل من الربع الخالي، منازل الخطوة الأولى، جبال، يد في آخر العالم، الجندي الذي رأس الطائر في نومه، مقبرة السلالة.
يقارب المؤلف هذه الأعمال الشعر من زاوية ما بات يعرف لدى شعراء الحداثة العرب، بالنص المفتوح، الذي تسقط فيه الحدود بين اجناس الكتابة المختلفة. ويرى ان هذه المسألة التي تثير اشكالات فكرية وجمالية، تحمل سيف الرحبي على تحديد موقفه منها، على مستوى تشكيل رؤيته الحداثية بما فيها وعيه الشعري وعلاقته مع العالم. والأرجح ان الرحبي استجاب لهذه القضية من خلال سعيه إلى تبني حداثة متوازية لا توغل في شكلانية الخطاب الشعري، وجموح المخيلة الشعرية وتعقيد بنيتها البلاغية. على هذا الأساس، يضيف المؤلف ان الأعمال الشعرية، الواردة آنفاً، تميل الى الانفتاح على إيقاع العصر وروحه ومزاجه، في الوقت الذي تستفيد من تقنيات الأجناس الأخرى، وفي طليعتها السرد الحكائي.
يتوسع الكاتب في قراءته التحليلية لأعمال سيف الرحبي، بالقول ان استيعاباً موضوعياً لحداثة النص الشعري، يصبح غير ذي جدوى من دون قراءة شواغل النص الأخرى. وفي مقدمها، اهتماماته الفكرية ورؤيته الى العالم وعلاقته به. وذلك على قاعدة، ان الشاعر لا يقدم ابداً على تجريد الشعر من وظيفته الجمالية والاجتماعية. كما لا يعتبر ان الشعر تجربة خاصة تتحرر من عنصري الزمان والمكان. يضيف الكاتب انه لهذه العوامل الهامة، تلحظ في النصوص الشعرية للرحبي، تلك الغنائية المتطابقة مع ضمير المتكلم في النص الشعري. ويخلص الى القول، ان هذه الأعمال تتميز بظاهرة الحداثة المتوازنة التي تتداخل مع الرؤية الاجتماعية التي يقدمها النص إلى الحياة والواقع. لذلك يبتعد الشاعر عن اشكال الحداثة الطارئة والمتسارعة التي تلغي هوية الكائن الانساني والمكان وثقافتهما المشتركة. وتقيم نوعاً من حداثة مختلفة تمارس فعلها التدميري على مستوى المفاهيم والعلاقات السائدة.
ومن النتائج الملازمة لهذه الحداثة المتوازنة، يعتبر الكاتب ان ثمة ارتباطاً بين الشاعر وخصوصية الثقافة التي تمثل ذاكرة يحاول ان ينعشها باستمرار. ونراه يتوحد أحياناً مع رموز المكان باعتباره يشير الى ذاكرة تاريخية ووجودية وحضارته تنطوي على روح الحياة. وفي الوقت الذي يكثف فيه الشاعر دلالات العلاقة التاريخية مع الماضي كجزء من سيرورة الكائن متحداً مع المكان، فانه يدرك، في الوقت عينه، اشكالية العلاقة مع الحاضر وتحولات الواقع. غير انه يجد في هذه الأخيرة غربة للذات الكلية عن ذاتها وعن سيرورة تاريخها التي يرتدي فيها الانسان اقنعة الحداثة المستعارة. وفي اي حال، فان الحداثة المتوازنة التي تميز نص الرحبي، انما تنبع من رؤيته الفكرية والجمالية التي تحكم بنية نصوصه، وتشدد على علاقة الشعر بالتجربة من جهته، وبالوجود الانساني من جهة أخرى.
يتضمن الكتاب الفصول الآتية: العتبات النصية ـ السياق والوظائف؛ المقبوسات والاهداءات؛ العنونة الشعرية والدلالات؛ وظائف العنوان وشعريته في اعمال الشاعر؛ شعرية المكان ودلالاته؛ في بنية النص الشعري؛ سردية النص الشعري؛ الحشد الترابي؛ حداثة النص ـ حداثة الواقع؛ متاه الكائن.
الكتاب: أرض الأبدية.. قراءات في تجربة الشاعر سيف الرحبي
الكاتب: مفيد نجم
الناشر: منشورات الجمل