منذ المقبوس الأول الذي يصدّر به ديوانه الاخيرة «يد في آخر العالم» يضعنا الشاعر سيف الرحبي في فضاء القصيدة، ورؤياها الجارحة، وهي تنطلق من الماضي باتجاه- الآن-، حيث يغدو الشعر ذاكرة للوقت المثخن بالخذلان، والطاعن في سيرة تيهنا، وأحلامنا المهزومة، ولذلك تظل حركة الزمن في القصيدة تتحرك بين الماضي، والحاضر.. الماضي الذي يؤرخ للحلم وللمكان، والحاضر الذي يعبر عن فجيعة الراهن، وتوقه المحاصر بالهلاك والحنين وفوضى الأشياء وضياعها كما هو الحال في قصيدة الديوان الاولى التي تحتل اكثر من نصف الديوان، والتي جاءت مرقمة من دون عنوان، مما شكل خرقا لمبدأ العنونة، وإعادة إنتاج لمبدأ الدلالة التي تمثلها بشكل يوحي بمضمون الرؤية الشعرية، خصوصا أن الارقام تدل على العدد، الامر الذي يدل على غياب الاسم والهوية التي يمثلها العنوان، وما يفصح عنه من حالة تشيؤ وضياع تسم التجربة الانسانية في مضمونها، ودلالتها الموحية.
تبدأ القصيدة بمقاطع شعرية مكثفة، وايقاع سريع، يكثف وعي اللحظة في انبثاقها الاول، وتوقها العميق للحرية، وتمردها، حيث «ضمير الجمع المتصل» يعبر في اتصاله هنا عن حميمية العلاقة، ويشي بتوحد «هؤلاء» الحالمين بلحظتهم قدرا، ومصيرا ووجودا، يعلن افولهم وغيابهم في هباء الماضي، الذي يصبح علامة على موت احلامهم الجميلة، وغوايات الوقت القتيل.
مفيد نجم
الكفاح العربي